بين الجوع والكرامة ........

عاش فقيرا معدما لا يملك من متاع الدنيا إلا كوخه المتواضع القديم الذي يكاد ينهار فوق رأسه . وبعض الأفرشة البالية القديمة التي تصدق بها عليه بعض المحسنين

لكنه كان يملك جسدا ذو بنية قوية تظهر على عضلاته المفتولة التي كان يستعملها أصحاب المال في قضاء حوائجهم مقابل دريهمات قليلة لا تكفي لشراء رغيف من الخبز

وذات يوم عندما كان يشتغل عند صاحب العمل في أشغال شاقة شتمه وقلل من شأنه وأهانه فلم يتقبل مراد هذه الإهانة وترك العمل فكرامته فوق كل شيئ حتى ولو كان الرغيف الذي يشتريه كل ليلة . ولكن فرص العمل كانت قليلة فكلما يذهب للبحث عن عمل إلا ويطرده صاحب المصنع

لم يجد مراد ما يسد به رمقه فأظطر لمد يده ليتسول ولكن لا أحد كان يتصدق عليه لأنه يملك جسدا قويا و الصدقة لا تجوز في الأقوياء وكان كلما مد يده إلا ويقابل بكلام واحد . فرص العمل موجودة فدع عنك التسول وأذهب إلى العمل .ولكن الإجابة كانت تخرج من بطنه الجائع قبل قلبه المكسور أين العمل

وذات يوم وصل به الجوع إلى حد الإغماء فأبرقت عيناه كذئب شرس لم يجد ما يأكله فحمل عصا غليظة وسار نحو الطريق وقطعه بالحجارة لينهب أول عابر وليستولي على أول غنيمة

بدأ مراد حياة جديدة في السطو والنهب فأصبح يخافه الكبار قبل الصغار وأصبح التجار الذين كانو يرفضون أن يمنحوا له رغيفا ليسد به جوعه يدفعون له الجزية حسب رغبته فكون ثروة وأصبح من أكابر أهل المدينة فلا تحل أمور ولا تعقد إلا بحضوره ومشورته فكان يقول( لما طلبت منكم رغيفا بسم الشرف والفضيلة لسد رمقي فأبيتم ولما طلبت منكم بالقوة كل مالكم بذلتموه طائعين صاغرين فما أحقركم وأصغر نفوسكم